روح السياسة 3
روح السياسة وهى من الأمور الحاجية التى
لاغنية لأولى الأمر عنها حقا إن روح السياسة – وإن شئت فقل : فن الحكم – ضرورية
لهم .
قد جهل
نابليون – وهو الخبير بأحوال الفرنسيين الروحية – مزاج الروس والأسبان الفكرى فشهر
عليهم حروبا لم تعصمه مزاياه الحربية الخارقة للعادة من الفشل فيها إزاء وطنيتهم
الصادقة التى لا تقهرها قوة .
لروح
السياسة مقومات مختلفة أهمها : روح الأفراد وروح الجماعات وروح الشعوب .
وتنحصر بضاعة رجال السياسة القصيرى الباع فى علم النفس فى بضعة مبادئ
تقليدية لا تنفع لحل المشاكل الحديثة .
وقد أصبحت اندفاعات الأحزاب دليلهم فكثرت
زلاتهم الفكرية ، ومن هذه الزلات الخطرة فصل الكنيسة عن الدولة ، ومنح الإكليروس
استقلالا وسلطة لم يسمح بمثلهما أشد ملوكنا كثلكة ،
ومنها مبادئنا فى التربية المناقضة
لمبادئ التربية الألمانية مع أن هذه المبادئ سر مبتكرات العلم
والصناعة والاقتصاد
فى ألمانيا ، ومنها سياسة الإدغام والتمثيل التى نطبقها على مستعمراتنا ،
فأوجبنا
بها انحطاط هذه المستعمرات وتأخرها ، وقرار الحكومة بإدخال الأشقياء فى سلك الجيش
بعد أن كانوا لا يقبلون إلا فى كتائب خاصة خوفا من أن تسرى عدواهم إلى غيرهم ،
وإذعان الحومة لأول اعتصام قام به موظفو البريد وسن كثير من القوانين التى زعم
أنها مشبعة من حب الانسانية ،
والاعتقاد الوهمى القائل : إن المجتمعات تتجدد بفعل
المراسيم ، وإن الأمة تتحرر من تأثي الماضى .
وفى
بعض الأحيان تشتد المشاكل بين الشعوب فلا يحلها غير المدفع ،
وحينئذ يكون الحق فى
جانب الأقوى ، غير أنه يمكن فصل المشاكل الثانوية بأساليب نفسية بدلا من فصلها
بالحديد والنار ،
ولا يزدرى هذه الطريقة سوى الأقوياء الذين يفوقون أعداءهم – كنابليون
وبسمارك – غير السيف حكما ، وما على الأعداء آنئذ إلا أن يلتزموا جانب الصمت حتة
تدق ساعة الانتقام فى وقتها المحتوم .
والوقوف على روح السياسة يعلم أولى الأمر كيف يحلون ما يعترضهم كل يوم من
المشكلات، فيميزون بين الأوقات التى يلبون فيها رغبات الشعب أو يقاومونها .
ومما
يؤسف عليه ان هؤلاء الولاة يستصوبون تلك الرغبات أو يرفضونها حسب مزاجهم مع أن
الواجب يقضى عليهم بأن يقاومونها أو يذعنوا لها حسب الأحوال ولا شئ أصعب من معرفة
ذلك فى علم السياسة ، وقد يؤدى جهله إلى أسوأ النتائج.
0 التعليقات:
إرسال تعليق