روح السياسة 5
تقدم
علم النفس فى الوقت الحاضر يثبت لنا ما للعقل من الشأن الضعيف فى نظام المجتمعات
ومعتقداتها وسيرها ، وأن شأن أقطاب السياسة ينحصر فى معرفة مداراة المشاعر للتأثير
فى الرأى العام ، فالجماعات لا تتأثر من انسجام الخطب المنطقى أبدا بل مما تورثه
بعض الكلمات فى نفوسهم من صور عاطفية .
إن لم
يكن للثورة الفرنسية عالم نظرى من أرباب التأثير والنفوذ سوى ( جان جاك روسو ) .
إن
الناس فى كل جيل مسيرون بمبادئ قليلة تكونت ببطء ، وأن تلك المبادئ لم تبعث على
السير والحركة إلا بعد أن تحولت إلى مشاعر .
الخراب لا الغنى هو الذى يعقب الفوضى ، وحينئذ تبحث الأمة مثلما بحثت فى
تلك الثورة عن حاكم مطلق نشيط قادر على إنقاذها من براثن الارتباك وقلة النظام .
فالعقل قوام العلم والمعارف فقط ، وإنما المشاعر والمعتقدات هى التى تقود الناس
للتاريخ .
أصعب
شئ فى روح السياسة هو أن نكتشف العوامل البعيدة والقريبة للحوادث تقوم الاشتراكية
قبل كل شئ على مبدأ الأمل ، والأمل من أهم بواعث الحركة التى عرفها البشر فى كل
حين .
إن
الشعور الدينى – أى احتياج المرء إلى الخضوع لأحكام ايمان يكون دليل أفكاره
وخواطره – هو أحد مناحى الروح البشرية .
عامل روح
الجماعات وعامل العدوى النفسية الذى نفسر به ذيوع المعتقدات الكبيرة عند ظهورها .
المشاهدة لا التجربة هى دليل العالم الاجتماعى فى الحوادث الاجتماعية ، نعم
إن التجارب الاجتماعية ليست قليلة إلا أنها تقع دون أن يكون لنا شأن فى حدوثها ،
ونحن لعجزنا عن تكريرها ترانا مضطرين إلى ايضاح أمرها فقط ، وكل يعلم ما توجبه هذه
الإيضاحات من اختلاف فى الرأى ونقص فى اعتبار علم الاجتماع .
سكان الولايات المتحدة ومستقبلهم أخلاقهم السياسية كانشاط والاعتماد على
المجهود الشخصى والتفاؤل والاحتياج إلى الحرية الفردية وتعود الاستنباط الشخصى
الذى يغنى عن تدخل الحكومة ،
فأدركنا وجوب درس الأمريكى مستقلا عن حكومته لا درس
هذه الحكومة أولا للإطلاع على حقيقته ، فالأمريكى لما ألقى حبله على غاربه تقدم فى
معترك الحياة غير معول على أحد مقررا مصير نفسه بنفسه .
0 التعليقات:
إرسال تعليق