17‏/08‏/2016

روح السياسة 21

روح السياسة 21


طرق الاستعمار الحديثة

   ترد طرق الاستعمار التى اتخذتها الأمم فى مختلف أدوار التاريخ إلى مبدأين , تدويخ الشعوب بقوة السلاح وسلب كنوزها وبيع الأقوياء من أبنائها كأرقاء , وطريقة أخرى قائمة على استثمار سكان البلاد المتتحة بإرهاقهم بالضرائب على أن يترك لهم ما يكفى لعيشهم .

   وقد أضاف الألمان إلى تينك الطريقتين طريقة ثالثة لبقة إلى الغاية , وهى أن يكتفوا باقتطاف أثمارالمستعمرات وأن يتركوا للأجانب أمرا إدارتها والدفاع عنها , فبعد أن يترك الألمان أمر افتتاح المستعمرات للامم الأخرى والمحافظة عليها يقيمون فيها ويستغلونها كما هو شأنهم الآن فى مراكش , ومعنى ذلك أنهم يحرزون اللؤلؤ ويترك الصدف لواضعى اليد على المستعمرات .

   تطبيق هذه الطريقة يتطلب بعض المزايا الخلقية وأفضلية فى الصناعة والتجارة تكفى لمضاربة جميع المزاحمين , فبفضل تربية الألمان الفنية اكتسب الألمان تلك الأفضلية , وأصبحت مصارعتهم اليوم متعذرة على وجه التقريب .

  ولما كانت صناعة الفنادق – ولا سيما التى يديرها الألمانى – كبيرة الربح صار كل ما يحلم به مدير أحد الفنادق الألمانى أن يؤسس لنفسه فندقا خاصا , ومتى تثبت أهلية هذا المدير يقرضه أحد أصحاب المصارف فى ( همبرج ) أو غيرها مالا ليؤسس به فندقا .

   تسلف المصارف الألمانية المصانع ما تحتاج إليه من المال مع أن أصحاب مصارفنا يسعون فى تحويل أنظار الجمهور عن مثل هذه المصانع ليسلف الدولة أموالا ويقبل على اشتراء الأوراق المالية الأجنبية , وتكون عمالة أرباب مصانعنا كثيرة بنسبة وهى هذه الأوراق , ولا ترى أية دولة مصارف فرنسية مستعدة لترويج استقراضها .

  لقد عاد على المصارف الخمسة فى باريس التى عهد إليها فى ترويج القرض الروسى البالغ 1200 مليون فرنك ثمانية فى المئة من هذا المبلغ , أى 96 مليونا , وإنا لنحزن على ذهاب الدراهم المذكورة التى تحتاج إليها لتجديد آلاتنا الصناعية إلى الألمان , فالروس يشترون منهم ما يحتاجون إليه من العدد الحربية والآلات الصناعية والأدوات البحرية .

0 التعليقات: