04‏/08‏/2014

غياث الأمم في التياث الظلم 7

غياث الأمم في التياث الظلم 7

تفصيل ما إلى الأئمة والولاة
(فيما يناط بالأئمة والولاة من أحكام الإسلام)

فالقول الكلي: أن الغرض استبقاء قواعد الإسلام طوعاً أو كرهاً، والمقصدُ الدين، ولكنه لما استمد استمرارَه من الدنيا كانت هذه القضية مرضية مرعيَّة، ثم المتعلِّق بالأئمة الأمورُ الكلية.     


نظر الإمام في أصول الدين

حفظ الدين بأقصى الوُسع على المؤمنين، ودفع شبهات الزائغين وإلى دعاء الجاحدين والكافرين، إلى التزام الحق المبين.
والقسم الثاني في أصل الدين: السعي في دعاء الكافرين إليه

ارتباط العبادات بنظر الإمام
فإن قيل: ما وجه ارتباط العبادات بنظر الإمام؟     
قلنا: ما كان منها شعاراً ظاهراً في الإسلام، تعلق به نظر الإمام.

فأما الشعار الظاهر الذي لا يتضمن اجتماع جماعات، فهو كالأذان وإقامة الجماعات في سائر الصلوات، فإن عطل أهلُ ناحية الأذان والجماعات، تعرض لهم الإمام، وحملهم على إقامة الشعار، فإن أبوا ففي العلماء من يُسَوِّغ للسلطان أن يحملهم عليه بالسيف، ومنهم من لم يجوّز ذلك. والمسألة مجتهدٌ فيها، وتفصيلها موكول إلى الفقهاء.    
ـ فأما ما لم يكن شعاراً ظاهراً من العبادات البدنية، فلا يظهر تطرقُ الإمام إليه إلا أن تُرفع إليه واقعةٌ فيرى فيها رأيَه.


نظر الإمام في الأمور المتعلقة بالدنيا

فأما ما يتعلق بالأئمة من أحكام الدنيا على الإمام بذلُ كنه الاجتهاد في ابتغاءِ الازدياد في خِطة الإسلام. والسبيلُ إليه الجهادُ ومنابذةُ أهل الكفر والعناد، وعليه القيامُ بحفظ الخِطة. فالتقسيم الأوَّلي الكلي طلبُ ما لم يحصل، وحفظ ما حصل.

والقول في حفظ ما حصل ينقسم إلى حفظه عن الكفار، وإلى حفظ أهله عن التواثب والتغالب، والتقاطع والتدابر والتواصل.     
فأما حفظُ الخِطة عن الكفار، فهو بسدِّ الثغور، وإقامة الرجال على المراصد


وأما حفظ مَن تحويه الخِطة فينقسم إلى ما يتعلق بمراتب الكليات وإلى ما يتعلق بالجزئيات. 
  
فأما ما يتعلق بأمر كلي، فهو نفض بلاد الإسلام عن أهل العرامة والمتلصصين والمترصدين للرفاق، فيجب على الإمام صرفُ الاهتمام إلى ذلك حتى تنتفض البلادُ عن كل غائلة وتتمهد السبلُ للسابلة.     

وأما ما يرتبط بالجزئيات فتحصره ثلاثة أقسام:     
أحدها: فصل الخصومات الثائرة، وقطعُ المنازعات الشاجرة، وهذا يناط بالقضاة والحكام.
وإنما عددنا ذلك من الجزئيات؛ فإن الحكومات تنشأ من الآحاد والأفراد. والغوائلُ من المتلصصين وقطاع الطرق تثبت باجتماع أقوام.
ثم إذا رتَّب السلطان لحسم موادهم رجالاً، لم يثوروا، فيكون ذلك نظرا كليا في كفاية أهم الأشغال. وتصدّي القضاة لفصل الخصومات لا يحسم ثورانَ الخصومة، بل إذا ثارت فصلَها الحكام.
   
والقسم الثاني في نظره الجزئي في حفظ المراشد على أهل الخطة. يكون بإقامة السياسات والعقوبات الزاجرة من ارتكاب الفواحش والموبقات.     
والقسم الثالث: القيامُ على المشرفين على الضياع بأسباب الصون والحفظ والإبقاء والإنقاذ. وهذا يتنوع نوعين:     
أحدهما: بالولاية على من لا ولي له من الأطفال والمجانين في أنفسهم وأموالهم.     
والثاني: في سد حاجات المحاويج.  
 
فهذه جوامع ما يرعى به الإمام مَن في الخطة.
ثم لا يتأتى الاستقلالُ بهذا المنصب إلا بنجدة عظيمة تطبقُ الخِطة وتفضُل عنها، فتتقاذف إلى بلاد الكفار، والنجدةُ بالرجال، ويرتبُ الرجالَ بالعُدد والأَموال. 
  
والأموال التي تمتد يد الإمام إليها قسمان:     
أحدها: ما يتعين مصارفُه.     
والثاني: ما لا يتخصص بمصارفَ مضبوطة، بل يضاف إلى عامة المصالح.  
  
فأما ما يتعيَّن مصرِفُه فالزكاة، وأربعةُ أخماس الفيء، وأربعة أخماس خمس الفيء، وأربعة أخماس الغنيمة، وأربعة أخماس خُمس الغنيمة، فهذه الأموال لها مصارف معلومة مستقصاة في كتب الفقه، وقد نرمز إليها في تفصيل الكلام.
    
وأما المال الذي يعم وجوهَ الخير، وهو الذي يسميه الفقهاء المُرْصَد للمصالح، فهو خُمس خمسِ الفيء، وخُمس خمسِ الغنيمة؛ وينضم إليها تركةُ من مات من المسلمين، ولم يخلف وارثاً خاصًّا، وكذلك الأموال الضائعة التي أُيس من معرفة مالكيها كما سنذكرها.    
فهذه مآخذ الأموال التي يقبضها الإمام ويصرفها إلى مصارفها.    
وقد نجز التقسيم المحتوي الضابط على ما يناط بالأئمة من مصالح الدنيا، وقد تقدم استقصاء القول فيما يتعلق به من أمور الدين.     

0 التعليقات: