04‏/08‏/2014

غياث الأمم في التياث الظلم 6

غياث الأمم في التياث الظلم 6


صفات الوزير

ثم الإمام لا يستوزر إلا شهماً كافياً، ذا نجدة وكفاية ودراية، ونفاذ رأيٍ واتقاد قريحة، وذكاء وفطنة، ولا بد وأن يكون متلفعاً من جلابيب الديانة بأسبغها وأصفاها راقيا من أطواد المعالي إلى ذراها، فإنه متصدٍّ لأمرٍ عظيمٍ، وخطبٍ جسيمٍ، والاستعداد للمراتب على قدر أخطار المناصب.

أما النجدة والكفاية فلا بد منهما، وكذلك الورع فإنه رأس الخيرات وأساس المناقب، ومن لم يتصف به فجميعُ ما فيه من المآثر يصير وسائلَ ووصائلَ إلى الشر، وطرائق إلى اجتلاب الضر، ولا يخفى على ذي بصيرة أن الفَطِنَ الماجِنَ غيرَ المرضِيِّ أضرُّ على خليقة الله من الأحمق الغبيّ.
ولا شك أن العقل أصل الفضائل، فإن لم يقترن به الورع والتقوى انقلب ذريعة إلى الفساد، ومطية حائدة عن منهج الرشاد، فوجب اشتراط استجماع الوزير شرائط المجتهدين، ومراتب الأئمة في علوم الدين.

 نقد الماوردي في مسألة هل يمكن ان يكون الوزير ذميا ؟

وذكر مصنف الكتاب المترجَم بالأحكام السلطانية، أن صاحب هذا المنصب يجوز أن يكون ذمياً، وهذه عثرة ليس لها مَقيل، وهي مشعرة بخلوّ صاحب الكتاب عن التحصيل، فإن الثقة لا بد من رعايتها، وليس الذمي موثوقا به في أفعاله وأقواله وتصاريف أحواله، وروايته مردودة، وكذلك شهادته على المسلمين، فكيف يُقبل قولُه فيما يُسنده ويَعزيه إلى إمام المسلمين، فمن لا تقبلُ شهادته على باقة بقل، ولا يوثق به في قول وفعل كيف يَنتصبُ وزيراً؟ وكيف ينتهض مبلغاً عن الإمام سفيرا، على أنا لا نأمن في أمر الدين شرَّه، بل نرتقبُ نَفَسا فنَفَساً ضُرَّه، وقد توافت شهادة نصوص الكتاب والسنة على النهي عن الركون إلى الكفار، والمنع من ائتمانهم، وإطلاعهم على الأسرار،

 قال الله تعالي:  
{لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا} 
وقال تعالي:
 (لا تتخذوا اليهود والنصاري أولياء)
، وقال رسول الله : (أنا برئ من كل مسلم مع مشرك لا تتراءى ناراهما)    
واشتد نكير عمر على أبي موسى الأشعري لما اتخذ كاتباً نصرانياً. وقد نص الشافعي رحمة الله عليه أن المترجمَ الذي يُنهي إلى القاضي معاني لغات المدَّعين يجب أن يكون مسلماً عدلاً رضياً، ولست أَعرف في ذلك خلافاً بين علماء الأقطار. فكيف يسوغ أن يكون السفير بين الإمام والمسلمين من الكفار؟

 

0 التعليقات: