01‏/06‏/2016

روح السياسة 12

روح السياسة 12


                                 الحكومة الشعبية

    إن من مميزات الحضارة فى زماننا هو التفاوت التدريجى بين أنواع الذكاء ، ومن ثم بين المراتب الاجتماعية .


    أصبحت مبتكرات العلم والفن محركة المدنيات الحديثة ، وصار الوقوف على هذه المبتكرات المعقدة يتطلب معارف نظرية وعملية واسعة وقوة استنباط شديدة وملكة تمييز سديدة لا تكون إلا فى ذوى المبادئ السامية ،


    التربية لا تمنح الرجل سوى قليل من الصفات الضرورية للنجاح فى الوقت الحاضر .   
     
 فأنعموا النظر فى عناصر الحضارة تروا صفوة الرجال مصدر مبتكرات العلوم والفنون والصناعات ، ومنبع رفاهية ملايين من العمال .


    من أجل ذلك يعظم شأن صفوة الرجال وتكثر جهودهم ، ومساعى أقطاب الصناعة على الخصوص هى أساس الاكتشافات والمبتكرات .   

 وهؤلاء الأقطاب وإن كانوا ينالون فى الغالب ثروة كبيرة تورث نفوس القائلين بالمساواة غما شديدا ، يتراوحون بالحقيقة بين الغنى والإفلاس دون أن يأملوا الحصول على الحالة الوسطى ، والغنى يتفق لهم بعد إكثار من النظر إلى العواقب ودقة فى الإدارة وتنظيم للأعمال ، والإفلاس يدركهم عندما يزلون عن الصواب قليلا ، فكأنه لا يحق لهم أن يخطئوا ، وفى أكثر المرات ينطو تحت أبهتهم الظاهرة كثير من الهموم ، فإذا أقاموا مصنعا مجهزا بأحسن الآلات فسرعان ما يحملهم اكتشاف جديد أو مزاحمة غير منتظرة على تجديده .       

 وقد اشتدت المزاحمة وصارت اكتشافات المختبرات مفاجئة وأصبح عدم الاستقرار شاملا فحرم الرجال الذين يديرون المشاريع سكون الخاطر وراحة البال .

 أقطاب الصناعة يميلون إلى التخلص من التبعة بتحويل مصانهم إلى شركات مساهمة ، وفى هذه الشركات يتجلى شأن أولى القابلية العالية أيضا ، فقد دل البحث فى جميع مشاريع العالم – ولاسيما مشاريع شركة بلجيكا – على أن أرباح المصانع التى يديرها أصحابها عشرة فى المئة مع أن المصانع التى تخص شركات المساهمة لاتعود على المساهمين إلأ بأربعة فى المئة من ثمن الأسهم وكثيرا ما يصيبها الإفلاس .

    ومع أنه يجب أن تكون الرواتب فى الامور الصناعية والمالية بحسب الاستحقاق يسير الأمر على خلاف ذلك .


    فقد جاء فى إحدى الصحف أن كل واحد من المديرين الاثنى عشر الذين يديرون إحدى شركات الاعتماد الكبيرة فى بلادنا يتقاضى فى كل شهر ثلاثمئة ألف فرنك على حساب المساهمين وإن كان العمل الذى يأتى به قليلا إلى الغاية . 

0 التعليقات: