15‏/11‏/2015

الموافقات 10

الموافقات 10




وأما ما يقتضي القصد إلى الترك على الخصوص؛ فجميع ما تقدم من ذم [التنعمات]1 والميل إلى الشهوات على الجملة، وعلى الخصوص قد جاء ما يقتضي تعلق الكراهة في بعض ما ثبتت له الإباحة؛ كالطلاق السني2؛ فإنه جاء في الحديث وإن لم يصح: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق" 3، ولذلك لم يأتِ به صيغة أمر في القرآن ولا في السنة كما جاء في التمتع بالنعم، وإنما جاء مثل قوله: {الطَّلاقُ مَرَّتَانِ} [البقرة: 229].
{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ} [البقرة: 230].
{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: 1].

ولا شك أن جهة البغض في المباح مرجوحة1.
وجاء: "كل لهو باطل إلا ثلاثة" 2.
وكثير من أنواع اللهو مباح، واللعب أيضا مباح، وقد ذم.
فهذا كله يدل على أن المباح لا ينافي قصد الشارع لأحد طرفيه على الخصوص دون الآخر، وذلك مما يدل على [أن]3 المباح يتعلق به الطلب فعل وتركًا على غير الجهات المتقدمة1.

: إذا ثبت أن المباح عند الشارع هو المتساوي الطرفين؛ فكل ما ترجح أحد طرفيه؛ فهو خارج عن كونه مباحا، إما لأنه ليس بمباح حقيقة وإن أطلق عليه لفظ المباح، وإما لأنه مباح في أصله, ثم صار غير مباح لأمر خارج،
وأما التفصيلي؛ فإن المباح ضربان:
أحدهما: أن يكون خادما لأصل ضروري، [أو حاجي]4، أو تكميلي.
والثاني: أن لا يكون كذلك.
فالأول: قد يُراعى من جهة ما هو خادم له؛ فيكون مطلوبا ومحبوبا5 فعله، وذلك أن التمتع بما أحل الله من المأكل والمشرب ونحوها مباح في نفسه، وإباحته بالجزء6، وهو خادم لأصل ضروري، وهو إقامة الحياة؛ فهو

مأمور به من هذه الجهة، ومعتبر ومحبوب من حيث هذا الكلي المطلوب؛ فالأمر به راجع إلى حقيقته1 الكلية، لا إلى اعتباره الجزئي ومن هنا يصح كونه هدية يليق فيها القبول دون الرد، لا من حيث هو جزئي معين.
والثاني: إما أن يكون خادما لما ينقض أصلا من الأصول الثلاثة المعتبرة، أو لا يكون خادما لشيء كالطلاق2؛ فإنه ترك للحلال الذي هو خادم لكلي إقامة النسل في الوجود، وهو ضروري، ولإقامة مطلق الألفة والمعاشرة، واشتباك العشائر بين الخلق، وهو ضروري أو حاجي أو مكمل لأحدهما، فإذا كان الطلاق بهذا النظر خرما لذلك المطلوب ونقضا عليه؛ كان مبغضا، ولم يكن فعله أولى من تركه؛ إلا لمعارض أقوى؛ كالشقاق, وعدم إقامة حدود الله, وهو من حيث كان جزئيا في هذا الشخص، وفي هذا الزمان مباح وحلال، وهكذا القول فيما جاء من ذم الدنيا، وقد تقدم،
وكذلك اللهو واللعب والفراغ من كل شغل إذا لم يكن في محظور ولا يلزم عنه محظور فهو مباح، ولكنه مذموم

ولم يرضه العلماء1، بل كانوا يكرهون أن لا يرى الرجل في إصلاح معاش، ولا في إصلاح معاد؛ لأنه قطع زمان فيما لا يترتب عليه فائدة دنيوية ولا أخروية.

وفي الحديث: "كل لهو باطل إلا ثلاثة" 3، ويعني بكونه باطلا أنه عبث أو كالعبث، ليس له فيه فائدة ولا ثمرة تجنى، بخلاف اللعب مع الزوجة؛ فإنه مباح يخدم أمرا ضروريا وهو النسل، وبخلاف
تأديب الفرس، وكذلك اللعب بالسهام؛ فإنهما يخدمان أصلا تكميليا وهو الجهاد4، فلذلك استثنى هذه الثلاثة من اللهو الباطل، وجميع هذا بين أن المباح من حيث هو مباح غير مطلوب الفعل ولا الترك بخصوصه5

0 التعليقات: