روح الشرائع 17
ويقع الشعب في هذا البؤس إذا ما حاول
أن يُفسده أولئك الذين ائتمنهم كتماً
لفسادهم الخاص ، وهم لا يحدثونه عن غير عظمته لكيلا يُبصر طموحهم وهم لا ينقطعون عن مدح تقتيره لكيلا يري شحهم.
ويزيد الفساد بين المفسدين ، ويزيد
بين من كانوا قد فسدوا ، ويقتسم الشعب جميع النقد العام، وبما أنه يضيف إدارة
الأمور إلي كسله فإنه يود أن يضيف لهو الكمالي
إلي فقره، ولكن لا يمكن أن يكون هدفا له غير بيت المال مع كسله وترفه.
علة فساد الشعب خاصة
يمنح النصر العظيم ، ولا سيما الذي
يساعد الشعب علي نيله كثيراً ، هذا الشعب
مقدارا من الزهو ما تعود قيادته معه أمراً متعذراً .
فساد مبادئ الحكومات
يبدأ فساد كل حكومة بفساد المبادئ في
كل وقت تقريباً.
لا يفسد مبدأ الديمقراطية بضياع روح
المساواة فقط ، بل يفسد بالإفراط في انتحال مبدأ
المساواة أيضاً ، وذلك لأن كل واحد يريد
أن يساوي من اختاره ليتولي أمره ، وبما أن
الشعب لا يُطيق بذلك ما يفوضه من
السلطة فإنه يود أن يصنع كل شئ بنفسه وأن
يتشاور عن أعضاء مجلس الشعب وأن يُنفذ عن
الحكام وأن يُجرد جميع القضاة.
تعود الفضيلة غير موجودة في
الجمهورية ، ويريد الشعب أن يقوم بوظائف الحُكام ، ويعود غير موقر لهم إذن ، وتعود مناقشات أعضاء مجلس
الشعب غير ذات وزن ويعود أعضاء مجلس الشعب ومن ثم الشيوخ غير مُكرمين إذن ، وإذا
ضاع احترام الشيوخ عاد الآباء غير محترمين
، وعاد الأزواج غير أهل للرعاية والسادة غير أهل للطاعة ، وجميع الناس ينتهون إلي
حب الفجور ويُتعب عُسر القيادة كما يُتعب
عُسر الإطاعة، ولا يخضع النساء والأولاد
لأحد ، وتفقد بذلك الأخلاق وحب النظام ولا تبقي الفضيلة.
إذن للديمقراطية حدان مفرطان يجب
اجتنابهما وهما: روح التفاوت التي تسوقها إلي الأريستوقراطية أو إلي حكومة الفرد ، وروح المساواة المتناهية التي تسوقها إلي استبداد
الفرد، كما أن استبداد الفرد ينتهي بغزو البلاد.
مكان الفضيلة الطبيعي هو بجانب
الحرية ، ولكنها لا تكون بجانب الحرية المتناهية أكثر ما مما تكون بجانب العبودية
.