18‏/07‏/2011

نقود العالم متي ظهرت ؟ متي اختفت ؟ 9

نقود العالم متي ظهرت ؟ متي اختفت ؟ 9
3- ضبط جانب الطلب الكلي :

(ا) نهي الاسلام عن زيادة استهلاك الطعام والشراب وأن يكتفي الانسان بتناول القدر الكافي فقط للمحافظة علي حياته وصحته فلا ينقاد وراء شهوة البطن قال الله تعالي : " وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ، إنه لا يحب المسرفين" ويقول صلي الله عليه وسلم : " ما ملأ ابن آدم وعاء قط شرا من بطنه ، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه ، فإن كان لا محالة فاعلا ، فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه "
ويقول صلي الله عليه وسلم " المعدة ( أي الشبع ) بيت الداء ، والحمية ( الجوع) رأس الدواء "


وإذا ما تبني مجتمع ما هذا المبدأ وطبقه في حياته فلن تكون هناك مشكلة من يشتكي من الامراض بسبب كثرة ما قذف في بطنه من الطعام الزائد عن حاجته وفي نفس الوقت يوجد بجانبه من يشتكي من سوء التغذية وقرص الجوع ولأن الحقيقة التي يقررها الاسلام أنه ما جاع فقير إلا لأن موسرا قد أكل طعامه بغير حق .

(ب) ونهي الاسلام عن اتباع الهوي أي ما تأمر به النفس وهي أمارة بالسوء وفي مجتمع يتصف بالحرية المشوبة بالأنانية تعودنا ان نسمع من يقول نفسي في كذا ولا يسأل نفسه وماذا تكون النتيجة علي المجتمع ككل إذا ما تركت لنفسي الحرية في شراء كل ما تشتهيه من مأكل أو ملبس؟ ألا يتسبب ذلك في زيادة الطلب الكلي علي السلع بالسوق وهذا يؤدي إلي ارتفاع أسعارها فلا يستطيع قطاع كبير من الناس أن يشبعوا حاجة ضرورية لهم


قابل عمر ابن الخطاب رضي الله عنه رجلا بالسوق فسألأه ما بيدك؟ فقال لحم اشتهاه أهلي فاشتريته وفي اليوم التالي قابل عمر نفس الرجل وسأله نفس السؤال فأجاب نفس الاجابة فزجره عمر قائلا له أكلما اشتهيتم أشتريتم ؟ أفسحوا لاخوانكم.


وهكذا يقرر الاسلام أن لكل مواطن حق الحياة وعلي جميع إخوانه من مواطنيه أن يمكنوه من ممارسة هذا الحق وألا يزاحموه عليه ، ويجب أن يضمن المجتمع له الحصول علي احتياجاته الضرورية وفي حدود دخله المتاح ، ولا يحق لأي فرد أن ينساق وراء شهوة الاستهلاك بروح الانانية .

(ج) ولتقليل الطلب علي بعض السلع المعمرة يقرر الاسلام حق الماعون لمحدودي الدخل وهذا الحق ينصرف إلي حق استعارة واستخدام الآلات البسيطة التي يملكها الاغنياء والقادرون بدءا من المنخل والغربال والهون ومنتهيا بآلات الحرث والدراس والري ، ويمكن أن تشمل استعارة الكراسي وبعض الملابس والحلي في المناسبات الخاصة ،


قال تعالي : " أرأيت الذي يكذب بالدين ، فذلك الذي يدع اليتيم ولا يحض علي طعام المسكين، فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون "


وحق الماعون يحل كثيرا من مشاكل الفقراء الذين لا يملكون القدرة علي شراء هذه السلع أو خدماتها كما أنه يقلل الطلب عليها إلي أدني حد ممكن فتبقي أسعارها معقولة ويترتب علي ذلك أن تتجه عناصر الانتاج إلي انتاج مزيد من السلع والخدمات يكون عليها طلب أكبر .

( د) يحرم الاسلام علي المسلم أن يحتفظ بمخزون من الغذاء والكساء يزيد عن حاجته هو ومن يعولهم وذلك في حالة إذا ما وجد في حيه القريب من يحتاج إلي غذاء أو كساء ويزداد التحريم في وقت الشدة كأيام الكوارث الطبيعية أو أوقات الحروب


يقول الرسول صلي الله عليه وسلم : " أيما عرصة ( حي صغير) بات فيهم امرؤ جوعان وهم يعلمون فقد برئت منهم ذمة الله ورسوله والمؤمنون "


ويقول صلي الله عليه وسلم : " من كان عنده فضل زاد ( زيادة عن حاجته الضرورية من الطعام ) فليعد به علي من لا زاد له ( أي يعطيه له) ومن كان عنده فضل ثوب فليعد به علي من لا ثوب له ومن كان عنده فضل ظهر ( وسيلة مواصلات – ركوبة) فليعد به علي من لا ظهر له "


قال الراوي وأخذ يعدد الأصناف حتي ظننا أنه لا حق لأحد في أي فضل


وقال تعالي :" ويسألونك ماذا ينفقون ، قل العفو" أي أن أي زيادة عن الحاجة محل انفاق في سبيل الله .


من أحكام التجارة في الإسلام :

1- التاجر المسلم مقيد بأحكام الشريعة وأولا وقبل كل شئ يجب عليه أن يقصد بعمله تقديم خدمة تعتبر ضرورية للمجتمع ويبتغي بها مرضاة ربه ، أما الربح فيكون بمثابة مكافأة له علي تأدية هذه الوظيفة الاجتماعية ولا يصح أن يكون هدفه الأول تحقيق مكاسبه الشخصية


(إيهاب : هذا في مجال التجارة والاعمال فما بالكم بالخدمات العامة والمناصب الله المستعان)


2- التجارة في الإسلام مؤمن عليها ضد جميع المخاطر من سهم الغارمين في الزكاة المفروضة ، فالتاجر الأمين يعوض عن خسائره في رأس ماله والتي تحدث رغما عنه بغير قصد أو إهمال منه وفي ذلك طمأنينة له وتأمين لتجارته وهو يسعي في الأرض يبتغي فضلا من الله ورضوانا ، فلا يغالي في أثمان البيع ولا يبخس في أثمان الشراء ويتطهر من روح الجشغ .


3- التربية الاسلامية تجعل التاجر يعتبر ثواب الله أهم وأبقي من الربح النقدي فيفكر فيما ينفع الناس قبل أن يفكر في مكاسبه الي فقراء المسلمين توزع عليهم مجانا في وقت الشدة رافضا في نفس الوقت تحقيق مكاسب مادية أضعاف أضعاف ثمنها .


4- يقتصر المسلم في تجارته علي الحلال من السلع فمثلا يحرم عليه شراء وبيع الخنزير والخمر وعليه أن يوفي الكيل والميزان ولا يبخس الناس أشيائهم أي لا يقلل من ثمن السلعة كثيرا عن السوق عند الشراء أو يزيد في ثمنها كثيرا عند البيع


قال الله تعالي : " فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم"


وقال الله تعالي : " ويل للمطففين الذين اذا اكتالوا علي الناس يستوفون ، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ، ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين"


كذلك فإن الامانة تكون من خلق المسلم التاجر وغير التاجر والصدق مبدأه الثابت فهو لا يخفي عيوب سلعته ولا يغالي في مدحها ولا يكذب المشتري ليحصل منه علي ثمن أعلي من ثمن السوق.


مر النبي صلي الله عليه وسلم بالسوق فأدخل يده في طعام فوجد به بللا بالداخل فسأل التاجر صاحبه ما هذا ؟


فقال التاجر : أصابته السماء ( أي المطر )


فقال صلي الله عليه وسلم : فهلا أبقيته فوق الطعام حتي يراه الناس ، من غشنا فليس منا


5- كذلك يحرم عقد الصفقات خارج السوق الرئيسية للسلعة بقصد تعمية الطرف الآخر حتي لا يعلم المستوي العام للأسعار بالسوق .


6- وعلي التاجر المسلم أن يكون بشوشا سمحا كريما رقيقا يقول صلي الله عليه وسلم : " رحم الله عبدا سمحا إذا باع ، سمحا إذا اشتري ، سمحا ذا اقتضي ( طالب بسداد الدين )"

0 التعليقات: