اتجهت الحركة الطبيعية إلي الرمزية والتعمية ، فجميع الحركات الفكرية والفنية الساخطة في العالم الرأسمالي تتعرض دائما للحظة حاسمة ، وذلك عندما تتمكن إحدي الحركات الثورية – لا مجرد حركة من حركات الاحتجاج – من تحريك الجماهير ، أي عندما تبدأ الطبقات في العمل : فهكذا كانت الثورة الفرنسة ، وثورة سنة 1848 وكميون باريس – من نقاط التحول بالنسبة للأدب والفن كما كانت بالنسبة للسياسة.
كانت الطبيعية تعتقد أنها تصف الظروف الاجتماعية بموضوعية علمية ، لكنها موضوعية خادعة فالطبيعية كالانطباعية لم تستطع أن تري أن تلك الظروف هي صراع بين الماضي والمستقبل ، بل كانت تري فيها حاضرا ثابتا لا يتغير . لم تنظر إليها في حركتها وتحولها ، بل رأت فيها لحظة ثابتة في الزمن .
لابد للفنان الحق أن يكون واسع الاطلاع رحب الأفق ، مما يمكنه من رؤية الصورة كاملة . إن كتاب اليوم يتخصصون أكثر مما ينبغي ، وينعزلون عن العالم ويشتغلون بالفحص المكروسكوبي للأدوار الفردية ، بدلا من الاتجاه بأبصارهم نحو المجموع
لقد فقد الفنان هذه النظرة الكلية ، كما أكد سيزان
لم يكن لدي الطبيعية ترتيب للأولويات في نظرتها إلي الواقع ، فالتفصيل العرضي والتفصيل ذو الدلالة يحظيان لديها بنفس القدر من الاهتمام . حوار جوهري أو حدث حاسم ، وكذلك طنين نحلة أو دخول امرأة تبيع البيض تقطع ذلك الحوار أو الحدث ، كلها تعتبر علي قدم المساواة من حيث الاهمية . إن هذا التسجيل الفوتوجرافي للأوضاع ، وهو التسجيل الذي يراها في حالة ثبات لا في حالة حركة ، قد أدي إلي خلق احساس بانعدام المعني وايجاد جو خانق من السلبية الداعية لليأس . وبذلك كانت الطبيعية إلي حد ما مقدمة للاتجاهات اللاإنسانية ، ومدخلا إلي التسليم اليائس للأشياء التي جعلتها قوانين الانتاج الرأسمالي غير الانسانية قادرة علي كل شيئ