31‏/01‏/2012

روح الشرائع 15

روح  الشرائع 15

العقوبات في قوانين الرومان

أضاف قيصر إلي العقوبات مصادرة الأموال وذلك لأن الأغنياء يكونون أجرأ علي اقتراف الجرائم في المنفي إذا ما احتفظوا بثرائهم.

موافقة العقوبات العادلة للجرم

في الصين يُقطع  قُساة اللصوص إرباً إرباً ، وأما الآخرون فلا يُصنع بهم هذا ، ويسفر هذا الفرق عن أنه يُسرق هنالك ، ولكن من غير قتل.

وفي روسيا ، حيث عقوبة اللصوص والقتلة واحدة، يُقتل دائماً فالأموات لا يُحدثون بشئ كما يقال فيها .

وإذا كان لا يوجد فرق في العقوبة وجب وضعه في أمل العفو ، ولا يُقتل في إنكلترة مطلقاً ، وذلك لأنه يًمكن السارقين فيها أن يأملوا ، دون القتلة ، في النقل إلي المستعمرات.

وأوامر العفو من نوابض الحكومات المعتدلة

قانون القصاص

لا يحكم بالقصاص إلا عند ما يعجز عن تسكين المشتكي، ويمكن أن يُعوض من الضرر بعد الحكم، فيحول العقاب البدني إلي عقاب نقدي.

رأفة الأمير

والشدة لا تؤدي إلي غير نزعها من الرعايا ما يحملونه من حب للأمير ومايحملونه من احترام للمناصب.


30‏/01‏/2012

روح الشرائع 14

روح الشرائع 14

لا ينبغي للوزراء في الملكية أن يقوموا بالقضاء

من المحاذير الكبيرة في الملكية ، أيضاً ، أن يحكم وزراء الأمير بأنفسهم في الخصومات ، ومن طبيعة الأمور أن يوجد ضرب من التناقض بين مجلس الملك ومحاكمه،

القاضي المنفرد
لا مكان لهذا القاضي في غير الحكومة المستبدة

شدة العقوبات في مختلف الحكومات
شدة العقوبات أكثر ملاءمة للحكومة المستبدة القائمة علي مبدأ الإرهاب مما للملكية والجمهورية اللتين يكون من الشرف والفضيلة نابضهما.
ولمؤلفي الصين ملاحظة دائمة قائلة إنه كلما رُئيت زيادة العقوبات في دولتهم اقتربت الثورة ، والعقوبات تزاد كلما انحطت الأخلاق.

من الشقاء العظيم في البلدان المستبدة أن يُخشي الموت فيها أقل مما يؤسف علي الحياة ولذا وجب أن تكون العقوبات شديدة فيها ،وأما في الدول المعتدلة  فإنه يُخشي ضياع الحياة أكثر مما يُخاف الموت لذاته.

إذا كان الشعب صالحاً وجب أن تكون العقوبات قليلة
كان لدي الشعب الروماني صلاح، وكان هذا الصلاح من القوة مالم يحتج المشترع معه أن يدله في الغالب علي غير الخير حتي يتبعه ، وكان يلوح أن النصائح تكفيه بدلا من القوانين.

لا ينبغي أن يؤخذ الناس بأقصي الوسائل ، بل يجب أن تتخذ أساليب تنعم الطبيعة علينا بها لقيادتهم ، وليبحث في سبب كل جماح ليري صدوره عن عدم العقاب علي الجرائم ، لا عن اعتدال العقوبات.

وفي الغالب تري المشترع الذي يريد تقويم الشر لا يفكر في غير هذا التقويم ، فيفتح عينيه حول هذا الأمر ويغمضهما عن المحاذير .

وللفساد نوعان ، فأما الأول فيكون عند عدم مراعاة الشعب للقوانين ، وأما الآخر فيون عندما تُفسده القوانين، ويكون هذا داء عضالا ، وذلك لوجوده في الدواء نفسه.

عجز القوانين اليابانية
قد يفسد الاستبداد نفسه بشدة العقوبات ولنلق نظرة علي اليابان
يعاقب بالقتل تقريبا علي جميع الجرائم في اليابان ، لأن معصية إمبراطور عظيم كعاهل اليابان جرم عظيم، وليست المسئلة إصلاح المذنب ، بل انتقام للأمير ، وقد استنبطت هذه الأفكار من مبدأ الفدادية وقد أتت هذه الأفكار ، علي الخصوص، من المبدأ القائل : بما أن الإمبراطور مالك لجميع الأموال فإن جميع الجرائم تُقترف ضد مصالحه رأساً

ولكن أيصلح أو يردع بمنظر العقوبات المستمر أناس يزدرون الموت عن طبيعة ويبقرون بطونهم عن أقل هوي ؟ أفلا يألفونه؟
وفي الحديث عن ترببية اليابانيين قول عن وجوب معاملة الأولاد برفق لعنادهم تجاه العقوبات وعن وجوب عدم معاملة العبيد بغلظة لدفاعهم عن أنفسهم منذ البُداءة.
ويتطيع المشترع الرشيد أن يحاول رد النفوس بتلطيف للعقوبات والجوائز ، وبالمبادئ الفلسفية ، وبقواعد الأخلاق والدين التي تناسب تلك السجايا ، وبتطبيق مناسب لمبادئ  الشرف ، وبعقوبة الخزي، وبإمتاع بسعادة مستمرة ودعة ناعمة ، وإذا كان المشترع يخشي ألا تُزجر بالعقوبات  الخفيفة تلك النفوس التي تعودت عدم الارتداع بغير عقوبة شديدة أمكنه أن يعمل بأسلوب خفي غير محسوس ، وأن يُعدل عقوبة الجريمة في أكثر الأحوال الخاصة أهلا للعفو  حتي ينتهي إلي تعديلها في جميع الأحوال.

بيد أن الاستبداد  لا يعرف هذه النوابض ، وهو لا يسوس بهذه الطرق وهو يستطيع أن يسئ استعمال نفسه .
ومن النفوس من جُفلوا وجُعلوا أشد قسوة في كل مكان فلم تمكن قيادتهم بغير قسوة أعظم من تلك.
وذلك هو أصل قوانين اليابان، وذلك هو روحها.

21‏/01‏/2012

روح الشرائع 13

روح الشرائع 13
ليحترز من تفويض الخدم المدنية إلي أناس متماثلين ، وعلي العكس يجب أن يردعوا من قبل حكام مدنيين ، وألا يتمتعوا في وقت واحد  بثقة الشعب وبقوة يسيئون بها استعمال هذه الثقة .

في أي الحكومات يجب أن يُوجد رقباء ؟
يجب أن يوجد رقباء  في الجمهورية  حيث مبدأ الحكومة هو الفضيلة ، وليست الجرائم وحدها هي التي تقوض الفضيلة ، بل يقضي عليها  الإهمال والخطايا وبعض الفتور في حب الوطن والأمثلة الخطرة وبذور الفساد ، فيجب أن يصلح الرقباء ما ينحي القوانين من غير أن يصدمها وما يضعف القوانين من غير أن يهدمها .


ولا ضرورة  إلي الرقباء في الملكيات لقيامها علي الشرف ومن طبيعة الشرف أن يكون جميع الناس رقباء عليه ، فكل إنسان يعوزه الشرف يكون عرضة لتأنيب  يصدر حتي عن اللذين ليس عندهم شرف مطلقاً.
 ومما يُشعر به جيداً عدم احتياج الحكومات المستبدة إلي الرقباء مطلقاً.

...

المستبد لا يعرف شيئاً ، ولا يستطيع أن يُدقق في أمر ، فلا معدل له عن مسلك عام، وذلك أن يحكم بعنف متماثل في كل مكان فيسوي  كل شئ تحت أقدامه .

بساطة القوانين الجزائية في مختلف الحكومات
يُسمع بلا انقطاع قول عن ضرورة إقامة العدل في كل مكان كما في تركية .
وفي تركية ، حيث يُبالي بثروة الرعايا وحياتهم وشرفهم قليلا ، تنجز جميع الخصومات بسرعة علي وجه ما
(إيهاب : هكذا كان يصف الكاتب تركيا التي كانت تمثل الخلافة الإسلامية وقتما كانت تغرق أوروبا في الظلام الدامس )

الناس كلهم متساوون في الحكومة الجمهورية ، وهم متساوون في الحكومة المستبدة ، هم متساوون في الأولي لأنهم كل شئ فيها ، وهم متساوون في الثانية لأنهم ليسوا شيئاً فيها.

القوانين هي عينا الأمير ، فهو يُبصر بها مالا يستطيع أن يُبصر بغيرها .

02‏/01‏/2012

روح الشرائع 12

روح الشرائع 12
نقل السلطة في الحكومة المستبدة

تنتقل السلطة بأسرها في الحكومة المستبدة إلي أيدي من تُفوض إليه ، والوزير هو المستبد بعينه  وكل موظف خاص هو الوزير .

الهدايا
من العادات في البلدان الاستبدادية ألا يفد الإنسان علي أي كان فوقه من غير أن يقدم إليه هدية ، ولو كان المُهدي إليه من الملوك ، ومن ذلك أن عاهل المغول لا يقبل عرائض رعاياه الذين لا يتناول منهم شيئا وينال هذا من هؤلاء الأمراء ما يُفسدون به حتي نعمهم  الخاصة.
وهذا ما يجب  أن يقع في حكومة لا يُعد أحد فيها مواطنا ، في حكومة حافلة بالمبدأ القائل أن الأعلي غير مدين للأدني بشئ ، في حكومة لا يعتقد الناس فيها أنهم مرتبطون في غير ما يفرضه بعضهم علي بعض من العقوبات ، في حكومة تكون ذات أعمال  قليلة  ويندر أن يُحتاج فيها إلي المثول بين يدي عظيم فتقدم إليه رغبات وتُعرض عليه شكايات .

وفي الجمهورية  تكون الهدايا أمرا كريها ، ذلك لعدم احتياج الفضيلة إليها ، وفي الملكية يكون الشرف  عاملا أقوي من الهدايا ، وأما في الحكومة المستبدة ، حيث لا شرف ولا فضيلة ، فلا يُزمع علي العمل إلا عن أمل في رغد العيش .

ما ينعم به ولي الأمر من الجوائز

ليس لدي الأمير الذي يكافئ غير النقد في الحكومات المستبدة
في الحكومة الملكية  الأمير يكافئ بمفاخر تؤدي إلي الثراء
في الحكومة الجمهورية  تسود الفضيلة ، والفضيلة عامل يكفي نفسه  وينفي ما سواه ، فإن الدولة لا تكافئ بغير دلائل  علي هذه الفضيلة

ومن القواعد العامة أن الجوائز العظيمة في الملكية وفي الجمهورية دليل علي انحطاطهما ، وذلك لأنها تثبت  تطرق الفساد إلي مبادئها ، وذلك لأن مبدأ الشرف يكون قد عاد غير بالغ القوة من جهة ، ولان مزية المواطن تكون قد ضعفت من جهة أخري .
وأسوأ أباطرة الرومان أكثرهم عطاء

روح الشرائع 11

روح الشرائع 11
تمتاز الحكومة الملكية من الحكومة الجمهورية امتيازا عظيما ، وذلك أن الأمور فيها تدبر من قبل واحد ، فتكون أكثر نشاطا في التنفيذ ، ولكن بما أن من الممكن أن يتحول هذا النشاط إلي سرعة  فإن القوانين تقيده بشئ من البطء ، ولا ينبغي للقوانين أن تؤيد طبيعة كل نظام فقط  ، بل يجب عليها أن تعالج ما ينشأ عن هذه الطبيعة من سوء استعمال أيضاً.

لا يبحث عن علو الهمة في الدول المستبدة ، ولا يُنعم الأمير علي هذه الدول بعظمة لعطله من العظمة ، ولا تجد عنده مجداً

فكرة الإستبداد
إذا ما أراد همج لوزيانه نيل ثمرة قطعوا الشجرة من أسفلها واقتطفوا الثمرة فهذه هي الحكومة المستبدة .

الخوف هو مبدأ الحكومة المستبدة .

وبما أن الخوف مبدأ الحكومة المستبدة فإن السكون هدفها ، وليس هذا سلما أبدا ، بل صمت هذه المدن التي يُوشك العدو أن يستولي عليها .
وبما أن القوة لا تكون في الدولة ، بل في الجيش الذي أقامها ، فإنه يجب حفظ  هذا الجيش للدفاع عن الدولة ، ولكن الجيش مُرهب للأمير ، وكيف يُوفق بين سلامة الدولة وسلامة الأمير إذن ؟

وللدين في هذه الدول من التأثير ما ليس في سواها ، والشعوب في الدول الإسلامية تستمد من الدين بعض احترامها العجيب نحو أميرها
والدين هو الذي يُصلح النظام  التركي بعض الإصلاح  وبقوة الدين ومبدئه يرتبط الرعايا


ويوجب الفقر وعدم استقرار الثروات في الدول المستبدة إيلاف الربا ، مادام كل واحد فيها يزيد قيمة نقوده بنسبة خطر الإدانة ، ويأتي البؤس من كل ناحية ، إذن في هذه البلدان الشقية حيث يُسلب كل شئ حتي مجني القروض ، ويؤدي ذلك إلي عجز التاجر عن توسيع تجارته ويتعيش هذا التاجر يوميا وذلك أنه إذا ما أثقل كاهله بكثير من البضائع والسلع خسر دفعا لثمنها أكثر من أن يكسب منها  ، ثم إنه لا مكان لقوانين التجارة هنالك مطلقا ، وتقتصر القوانين علي المخالفات .

ولا تكون الحكومة ظالمة من غير أن تكون لها أيد تمارس مظالمها ، والواقع أن من المستحيل ألا تعمل  هذه الأيدي في سبيل نفسها ، ولذا يكون إختلاس الأموال الأميرية أمرا طبيعيا في الدول المستبدة .
وبما أن هذا الجرم هو الجرم العادي هنالك فإن من المفيد أن يصار إلي المصادرة ، وينطوي هذا علي تعزية للشعب ،